فإن قيل: قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ) يطابقه وما في الأبحر من ماء مداد فكيف عدل عنه؟ قلنا: استغنى عن ذكر المداد بقوله تعالى: (يمده) لأنه من قولك مد الدواة وأمدها، فجعل البحر المحيط بمنزلة الدواة، والأبحر السبعة المملوءة مداداً أبداً صباً لا ينقطع، فصار نظير ما ذكرتم ونظيره قول تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي. . .الآية). فإن قيل: كيف قال تعالى (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي) ولم يقل من شجر؟ قلنا: لأنه أراد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر شجرة واحدة إلا وقد بريت أقلاماً. فإن قيل: الكلمات جمع قلة والمقصود التعظيم والتفخيم، فكان جمع الكثرة وهو الكلم أشد مناسبة؟ قلنا: جمع القلة أبلغ فيما ذكرتم من المقصود، لأن جمع القلة إذا لم يغن بتلك الأقلام وذلك والمداد فكيف يغنى جمع الكثرة. أهـ {أنموذج جليل في أسئلةٍ وأجوبةٍ عن غرائبِ آي التنزيل صـ ٤٠٦}