للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" خلت المُثْلات " بإسكان الثاء، ويجوز فتح الثاء المُثَلاتُ، ومن قرأ المثلات

تُضَمُّ الثاءُ والميم، وهي في الواحدة ساكنة مضمومة في الجمع فهذه الضمة

عوض من حذف تاء التأنيث، ومن فتح فلأن الفتحةَ أخَفُّ الحركات، روت

الروَاةُ:

ولما رَأوْنا بَادياً رُكُبَاتُنَا. . . عَلَى مَوْطِنٍ لا نَخْلِطُ الجدَّ بالهَزلِ

ومن قرأ المُثْلات بإسكان الثاء فلأن كل ما كان مضموماً أو مكسوراً نحو

رُسُل وعَضُدٍ وفَخِذٍ فإسكانه جائز لنقل الضمة والكسرة.

والمعنى أنَّهم يَسْتَعْجِلُونَ بالعَذَابِ وقد تقدم من العذاب ما هو مُثْلة وما فيه نَكَال لهم لو اتعظوا (١).

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)

معناه هلَّا أنْزِلَ عليه وإنَّما طَلبُوا غير الآيات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو انْشِقَاقَ القمر.

والقرآنِ الذي دُعُوا أن يأتوا بسورة من مثله - وَما أشبه هذا النحو، فالتمسوا مثلَ آيات عيسى وموسى، فأعلمَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ - أنَّ لِكُلَ قَوْم هَادِياً، فقال جلَّ وعزَّ:

(إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ).

أي نبي وداع إلى اللَّه يدْعُوهم بما يُعْطَى من الآيات لَا بِمَا يُريدونَ

ويتحكمون فيه.

* * *

وقوله: (يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (٨)

(وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ).

معنى غاض في اللغة نقص.

وفي التفسير ما نقص الحمل من تسعة أشهر وما زاد عنها على التسعة.

وقيل ما نقص عن أنْ يتمَّ حَتَى يموتَ، وما زاد حتى يتم الحمل.


(١) قال السَّمين:
والعامَّةُ على فتح الميم وضمِّ المثلثة، الواحدة «مَثُلَة» كسَمُرَة وسَمُرات، وهي العقوبةُ الفاضحة. قال ابن عباس:: العقوباتُ المستأصِلات كَمَثُلَةِ قَطْعِ الأذن والأنف ونحوِهما «، سُمِّيَت بذلك لما بين العقاب والمُعَاقَب من المماثلة كقوله: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]، أو لأَخْذِها من المِثال بمعنى القِصاص، يقال: أَمْثَلْتُ الرجلَ منْ صاحبِه وأقْصَصْته، بمعنى واحد، أو لأخْذِها مِنْ ضَرْبِ المَثَل لعِظَم شأنها.
وقرأ ابن مُصَرِّف بفتح الميم وسكون الثاء. قيل: وهي لغةُ الحجاز في» مَثْلة «. / وقرأ ابن وثَّاب بضمِّ الميم وسكونِ الثاء، وهي لغة تميم. وقرأ الأعمشُ ومجاهدٌ بفتحهما، وعيسى بن عمر وأبو بكرٍ في روايةٍ بضمهما.
فأمَّا الضمُّ والإِسكانُ فيجوز أن يكونَ أصلاً بنفسه لغة، وأن يكونَ مخففاً مِنْ قراءة مَنْ ضمَّهما. وأمَّا ضمُّهما فيُحْتمل أيضاً أن يكونَ أصلاً بنفسه لغةً، وأن يكونَ إتباعاً مِنْ قراءة الضمِّ والإِسكان نحو: العُسُرِ في العُسْر، وقد عُرِفَ ما فيه. اهـ (الدر المصون).

<<  <  ج: ص:  >  >>