للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٤٣)

قيل: وَوَهَبْنَا له أهله أعطيناه في الآخِرة ثوابَ فقدهم، ووهبنا له في

الدنيا مثلهم، وقيل أُحْيِي له أَهْلُه، وَوُهِبَ لَهُ مِثْلُهم.

(رَحْمَةً مِنَّاا).

(رَحْمَةً) منصوبة مفعول لها.

(وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ).

لذوي العقول، ومعنى (وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) إذا ابتُليَ اللبيبُ ذَكر بَلاءَ

أَيوبَ فصَبَرَ.

* * *

(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤)

المعنى وقلنا خذ بيدك. والضغث الحِزْمَةُ منَ الحَشِيش أو الريحان أو ما

أشبه ذلك.

وجاء في التفسير أن امرأة أيوبَ قالت له: لو تقربت إلى الشيطان

فذبحت له عَنَاقاً: قال ولا كفًّا من تُرَاب، وَحَلَفَ أن يَجْلِدَها إذا عُوفيَ مائةَ

جَلْدةٍ، وشكر الله لها خِدْمَتَها إيَّاهُ فجعل تحلة يَمِينهِ أن يأخذ حزْمَة فيها مائة

قضيبٍ فيضربها ضربة واحدة.

فاختلف النَّاسُ فَقَالَ قومٌ هذا لِأيوبَ - عليه السلام - خاصَّةً.

وقال قوم: هذا لسائر الناس.

(أَوَّابٌ) كثير الرجوع إلى اللَّه.

* * *

(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥)

(وَاذْكر عَبْدَنَا - (وعبادنا) (١)

من قال (عبادَنا) جعل إبراهيمَ وإسحاق ويعقوبَ بدَلاً مِنْ عِبَادِنَا.

ومن قرأ


(١) قال السَّمين:
قوله: {عِبَادَنَآ}: قرأ ابنُ كثير «عَبْدَنا» بالتوحيد. والباقون «عبادَنا» بالجمعِ والرسمُ يحتملهما. فأمَّا قراءةُ ابنِ كثير ف «إبراهيمَ» بدلٌ أو بيانٌ، أو بإضمار أَعْني، وما بعدَه عطفٌ على نفس «عبدَنا» لا على إبراهيم؛ إذْ يَلْزَمُ إبدالُ جمع مِنْ مفردٍ. ولقائلٍ أنْ يقولَ: لمَّا كان المرادُ بعبدنا الجنسَ جاز إبدالُ الجمعِ منه. وهذا كقراءةِ ابنِ عباس {وإله أبيك إِبْرَاهِيمَ} في البقرة في أحدِ القولين وقد تقدَّم. وأمَّا قراءةُ الجماعةِ فواضحةٌ لأنَّها موافقةٌ للأولِ في الجمع.
قوله: «الأَيْدي» العامَّة على ثبوتِ الياءِ، وهو جَمْعُ يدٍ: إمَّا الجارِحَةِ، وكنَى بذلك/ عن الأعمالِ؛ لأنَّ أكثرَ الأعمالِ إنما تُزاوَلُ باليدِ. وقيل: المرادُ بالأيدي جمعُ «يَدٍ» المراد بها النعمةُ. وقرأ عبد الله والحسن وعيسى والأعمش «الأَيْد» بغيرِ ياء فقيل: هي الأُوْلى وإنَّما حُذِفَتِ الياءُ اجتزاءً عنها بالكسرة ولأنَّ أل تعاقِبُ التنوينَ، والياءُ تُحْذَفُ مع التنوين، فأُجْرِيَتْ مع أل إجراءَها معه. وهذا ضعيفٌ جداً. وقيل: الأَيْد: القوةُ. إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ قال: «وتَفْسيرُه بالأَيْد من التأييد قِلِقٌ غيرُ متمكن» انتهى. وكأنَّه إنما قَلِقَ عنده لعطفِ الأبصارِ عليه، فهو مناسبٌ للأيدي لا للأَيْد من التأييد. وقد يقال: إنه لا يُراد حقيقةُ الجوارح؛ إذ كلُّ أحدٍ كذلك، إنما المراد الكناية عن العمل الصالحِ والتفكُّرِ ببصيرتِه فلم يَقْلَقْ حينئذٍ؛ إذ لم يُرِدْ حقيقةَ الإِبصارِ. وكأنه قيل: أُولي القوةِ والتفكُّر بالبصيرةِ. وقد نحا الزمخشري إلى شيءٍ مِنْ هذا قبلَ ذلك. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>