الله عزَّ وجلَّ مخادعة النبي - صلى الله عليه وسلم - مخادعة له.
كما قال عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ).
ومعنى قوله: (وهو خَادِعُهُمْ).
فيه غير قول: قال بَعْضهُمْ: مُخادعةُ اللَّه إياهم جزاؤُهم على المخادعة
بالعذاب، وكذلك قوله: (ويمكُرونَ ويمْكُرُ اللَّهُ).
وقيل وهو خادِعُهُم بأمره عزَّ وجلَّ بالقبول منهم ما أظهروا، فاللَّه خادعهُمْ بذلك.
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (١٤٤)
أي لا تجعلوهم بِطَانتَكُمْ وخَاصَّتَكُمْ.
(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا).
أي حجة ظاهرة، والسلطان في اللغة الحجة، وإِنما قيل للخليفة والأمير
سلطان لأن معناه أنه ذو الحجة.
والعربُ تُؤَنَث السلطان وتذكره، فتقول:
قَضَتْ عليك بهذا السلْطَان، وأمَرَتْكَ به السلطانُ.
وزعم قوم من الرواة أن التأنيث فيه أكثر، ولم يُخْتلَفْ في التذكير.
وأحسب الذين (رَووْا) لم يَضْبطُوا مَعْنَى الكثرة من القلة.
والتذكير (فيه) أكثر، فأمَّا القرآن فلم يأت فيه ذكر السلطان إلا
مذكراً، قال الله عزَّ وجلَّ: (لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ)