وقوله: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)
جاءَ في التفسير أنه يعني به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو جهل بن هشام فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هُدِيَ وأعْطِيَ نُورَ الإسْلامِ والنُبوةَ والحكمَةَ، وأبو جهل في ظلمات الكفر.
ويجوز أنْ تكون هذه الآية عامةً لكل من هداه الله ولكل من أضَلَّه اللَّهُ. فأعلم اللَّهَ جلَّ وعزَّ أن مَثَل المهْتدِي مَثَلُ الميتِ الذي أُحْييَ وجُعِلَ مستضيئاً يمشي في الناس بنور الحكمة والإيمان، ومثل الكافر مثل من هو في الظلمات لا يتخلص منها.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (١٢٣)
موضع الكاف نصب معطوفة على ما قبلها، وهو قوله:
(كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
المعنى مثل ذلك الذي قصصنا عليك زُيَِّنَ لِلْكَافِرينَ عملُهم.
(وكذلك جعلنا) أي ومثلَ ذلك (جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا)، لأن الأكابر ما هم فيه من الرياسة والسَّعةِ أدعى لهم
إلى المكر والكفر، والدليل على ذلك قوله: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرزْقَ لعبادِهِ
لبغَوْا في الأرْضِ) وقوله: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ).
ومعنى: (وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ).
أي ذلك المكر يحيق بهمْ، لأنهم بمكرهم يُعَذَبُونَ.
* * *
وقوله: (وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)
هذه الهاءُ والميم تعودان على الأكابر الذين جَرَى ذِكْرُهُمْ لأنهم