قوله: «أَوِّبِيْ» العامَّةُ على فتحِ الهمزةِ وتشديدِ الواوِ، أمراً من التَّأْوِيْب وهو التَّرجِيْع. وقيل: التسبيحُ بلغةِ الحبشة. والتضعيفُ يحتملُ أَنْ يكونَ للتكثيرِ. واختار الشيخ أَنْ يكونَ للتعدِّي. قال: «لأنهم فَسَّروه ب رَجِّعي معه التسبيحَ». ولا دليلَ؛ لأنه تفسيرُ معنى. وقرأ ابنُ عباس والحسنُ وقتادة وابن أبي إسحاق «أُوْبي» بضمِّ الهمزةِ وسكونِ الواو أمراً مِنْ آب يَؤُوْبُ أي: ارْجِعي معه بالتسبيح. قوله: «والطيرَ» العامَّةُ على نصبِه وفيه أوجهٌ، أحدها: أنه عطفٌ على محلِّ «جبالُ» لأنَّه منصوبٌ تقديراً. الثاني: أنه مفعولٌ معه. قاله الزجاج. ورُدَّ عليه: بأنَّ قبلَه لفظةَ «معه» ولا يَقْتَضي العاملُ أكثرَ مِنْ مفعولٍ معه واحدٍ، إلاَّ بالبدلِ أو العطفِ لا يُقال: «جاء زيدٌ مع بكرٍ مع عمروٍ». قلت: وخلافُهم في تقضية حالَيْنِ يَقْتضي مجيئَه هنا. الثالث: أنه عطفٌ على «فضْلاً» قاله الكسائيُّ. ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: آتيناه فضلاً وتسبيحَ الطيرِ. الرابع: أنه منصوبٌ بإضمار فعلٍ أي: وسَخَّرْنا له الطيرَ، قاله أبو عمروٍ. وقرأ السُّلَمِيُّ والأعرج ويعقوب وأبو نوفل وأبو يحيى وعاصم في رواية «والطيرُ» بالرفع. وفيه أوجهٌ: النسقُ على لفظ قوله: «جبالُ». وأُنْشِد قولُه: ٣٧٢٣ ألا يا زيدُ والضَّحاكُ سِيْرا. . . فقد جاوَزْتُما خَمَرَ الطريقِ بالوجهين. وفي عَطْفِ المعرَّفِ بأل على المنادى المضمومِ ثلاثةُ مذاهبَ. الثاني: عطفُه على الضميرِ المستكنِّ في «أوِّبي». وجاز ذلك للفَصْل بالظرفِ. والثالث: الرفعُ على الابتداءِ، والخبرُ مضمرٌ. أي: والجبالُ كذلك أي: مُؤَوَّبَةٌ. اهـ (الدُّرُّ المصُون).