حُيِّيتَ مِن طللٍ تقادم عهدُه. . . أقوى وأقفر بَعْدَ أمِّ الْهَيْثَم
فإِن معنى أقوى وأقفر يدل على الْخَلْوَةِ، إِلا أن اللفظين أوكد في الخُلوِّ
من لفط واحد.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: (شرعة) معناها ابتداءُ الطريق.
والمنهاج الطريق المستَمِر، قال: وهذه الألفاظ إِذا تكررت في مثل هذا
فللزيادة في الفائدة، قال وكذلك قول الحطيئة:
ألا حَبَذَا هِنْدٌ وَأرْضٌ بها هندُ. . . وَهِنْدُ أتى مِنْ دونها النَّأْيُ والبُعْدُ
قال: النَّأْيُ لكل ما قل بعده منك أوْ كثرَ، كأنَّه يقول:
النأي المفارقة قلَّت أو كثرتْ، والبُعْدُ إِنَّمَا يسْتَعْمَلُ في الشيءِ البعيد
ومعنى البعيدِ عندَه ما كَثرتْ مسافةُ مُفَارقَتِه، وكانَّهُ يقُول لِمَا قرب منه هو ناءٍ عني، وكذلك لما بعُدَ عنه، والنأْي عنده المفارقة.
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧)
هُزءَاً فيه لغات، إِن شئت قلت هُزُؤا بضم الزاي وتحقيق الهمزة، وهو
الأصل والأجْودُ، وإِن شئت قلت هُزُواً وَأبدَلتَ من الهمزة واواً، لانضمام ما قبلها وأنها مفتوحة، وإِنْ شئتَ قلت: هُزْءاً بإسكان الزاي وتحقيقِ الهمزة.
فهذه الأوجه الثلاثةُ جَيدَة يُقْرأ بِهِنَّ.
وفيها وجه آخر. ولا تجوز القراءَة به لأنه لم يقرأ به، وهو أن يقول هُزَاً مثل هُدًى وذلك يجوز إِذا أردت تخفيفَ همزة