والفاء دخلت عَلَى " إنْ " جوابَ الجزاء، كما تدخل في قولك: إنْ
زُرْتني فأنا أخوك، ودخلت الفَاءُ على " هم " لأنها جواب (إنْ).
* * *
وقوله: (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦)
(أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ)
(هذا) على إضمار الحكاية، المعنى وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا يقولون أهذا الذي يَذْكُرُ آلهتكم.
والمعنى أهذا الذي يعيب آلهتكم يقال فلان يَذْكُرُ الناس أي يغْتَابُهُمْ ويَذْكُرُهُمْ بالعُيوبِ، ويقال فلان يذكر اللَّه، أي يصفه بالعظمة، وُيثْنِي عليه وُيوَحِّدُه. وإنما يحذف مع الذكر ما عُقِلَ معناه.
قال الشاعر:
لا تذكري فرسي وما أطعمته. . . فيكون لَوْنُكِ مثل لون الأجْرَبِ
المعنى لا تذكري فرسي وإحساني إليه فتعيبيني بإيثاري إيَّاهُ عليك.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧)
قال أهل اللغة: المعنى خُلِقَتِ العَجَلَةُ مِنَ الإنْسانِ، وحقيقته يدل
عليها، (وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولًا)، وإنما خوطبت العرب بما تعقل، والعرب
تقول للذي يكثر الشيء خُلِقْتَ منه، كما تقول: أنْتَ مِنْ لَعِبٍ، وخلقت من لعبٍ، نريد المبالغة بوصفه باللعب.
* * *
وقوله: (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩)
أي حينَ لا يَدْفَعُونَ عن وُجُوهِهمُ النارَ، وجَوَابُ (لو) محذوف، المعنى