للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الضُّحَى

(مَكِّيَّة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)

هذا قسم وجوابه (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).

والضحى: النهار، وقيل ساعة من ساعات النهار.

* * *

(وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)

وقوله إذا سجا معناه إذا سكن.

قال الشاعر:

يا حبَّذا القمراءُ والليلُ الساجْ. . . وطُرُقٌ مثلُ مُلاء النَّسَّاجْ

* * *

ومعنى: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)

أي لم يقطع الوحي عنك وَلَا أَبْغَضَكَ، وذلك أنه تأخر الوحي عن

رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر يوماً، فقال ناس من الناس: إن محمداً قد ودعه صاحبه وقلاه، فأنزل الله عزَّ وجلَّ - (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)

المعنى ما قلاك، كما قال: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)

المعنى والذاكراته (١).

* * *

وقوله: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)

وكان النبي عليه السلام يكفله عمُّه أَبُو طَالبٍ.

* * *

وقوله: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)

معناه - واللَّه أعلم - أنه لم يكن يدري القرآن ولا الشرائِع فهداه اللَّه


(١) قال السَّمين:
قوله: {مَا وَدَّعَكَ}: هذا هو الجوابُ. والعامَّةُ على تشديد الدالِ من التَوْديع. [وقرأ] عروة بن الزبير وابنه هشام وأبو حيوة وابن أبي عبلة بتخفيفِها مِنْ قولِهم: وَدَعَه، أي: تركه والمشهورُ في اللغةِ الاستغناءُ عن وَدَعَ ووَذَرَ واسمِ فاعِلهما واسمِ مفعولِهما ومصدرِهما ب «تَرَكَ» وما تصرَّفَ منه، وقد جاء وَدَعَ ووَذَرَ. قال الشاعر:
٤٥٩١ سَلْ أميري ما الذي غَيَّرَهْ. . . عن وِصالي اليومَ حتى وَدَعَهْ
وقال الشاعر:
٤٥٩٢ وثُمَّ وَدَعْنا آلَ عمروٍ وعامرٍ. . . فرائِسَ أَطْرافِ المُثَقَّفةِ السُّمْرِ
قيل: والتوديعُ مبالغةٌ في الوَدْع؛ لأن مَنْ وَدَّعك مفارقاً فقد بالغ في تَرْكِك.
قوله: {وَمَا قلى} أي: ما أَبْغَضَك، قلاه يَقْليه بكسر العين في المضارع، وطيِّىء تقول: قلاه يقلاه بالفتح قال الشاعر:
٤٥٩٣ أيا مَنْ لَسْتُ أَنْساه. . . ولا واللَّهِ أَقْلاه
لكَ اللَّهُ على ذاكَ. . . لكَ اللَّهُ [لكَ اللَّهُ]
وحُذِفَ مفعولُ «قَلَى» مراعاةً للفواصلِ مع العِلْم به وكذا بعدَ «فآوى» وما بعدَه.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>