وقوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ).
أباحهم اللَّه قتلهم بكل نوع في الحرب. . وَاحِدُ الْبَنانِ: بَنَانَة، وَمَعْناهُ
ههنا الأصابعُ وغيرها من جميع الأعضاء.
وإِنما اشتقاق البنان من قولهم أبَنَّ بِالمكان إذا أقَام به، فالبناءُ به يَعْتَملُ
كلَ ما يَكُونُ للإقامة والحياةِ.
* * *
وقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣)
(شَاقُّوا). جانبوا، صَارُوا في شِقٍّ غَيْرِ شِقِّ الْمؤمِنِينَ، وَمثلُ شَاقُوا جَانَبُوا
وَحَازَبوا وَحَارَبوا.
معنى حَازَبوا صارَهُؤلاءِ حِزْباً وهُؤلاءِ حِزْباً.
(وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
(يُشَاقِقْ، وَيُشاقِّ) جميعاً، إِلا أنها ههنا يشاقق، بإظهار التضعيف مع
الجزم وهي لغة أهل الحجاز، وغيرهم يدغِم، فإِذا أدْغمَتَ قلتَ: من يُشاقَّ
زيداً أهِنْه، بفتح القاف، لأن القافين ساكنتان فحركت الثانية بالفتح لالتقاءِ
السَّاكنين ولأن قبلها ألفاً، وإِن شئت كَسَرْتَ فقلتَ يُشاقِّ زَيْداً، كسرت القاف لأن أصل التقاءِ السَّاكنين الكسر.
فإذا استقبلتها ألف ولام اخترت الكَسْر فقلت
(وَمَنْ يُشاقِّ اللَّه). ولا أعلم أحداً قرَأ بها.
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥)
يقال: أزحَفْتُ للْقَوْمِ إِذا ثَبَت لهم، فالمعنى: إِذا وَاقَفْتموهم للقتال.
(فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ).
أي لا تنهزموا حتى تُدْبِرُوا.