و " فعَلَ " من اللَّه بمنزلة ما في الحال، فالمعنى - والله أعلم - والله عفو غفور.
والذي قاله الحسن وغيره أدخل في اللغة، وأشبه بكلام العرب.
وأما القول الثالث فمعناه يُؤول إِلى ما قاله الحسن وسيبويه، إِلا أن يكون الماضي بمعنى الحال يقِل.
وصاحب هذا القول له من الحجة قولنا " غفر الله لفُلَانٍ "
بمعنى ليغفر اللَّه له فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي
مَؤدياً عنها استخفافاً، لأن اختلاف ألفاظ الأفعال إِنما وقع لاختلاف الأوقات، فإِذا أُعْلِمت الأحوال والأوقات استُغني بلفظ بعض الأفعال عن لفظ بعض.
الدليل على ذلك قوله جلَّ وعزَّ:
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمثَالِهَا)
وقوله: (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإنَهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَاباً)
معناه من يَتُبْ ومن يجئ بالحسنة يعط عشْر أمثالها.
* * *
وقوله: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)
معنى مراغم معنى مهاجرُ، المعنى يجد في الأرض مُهاجراً، لأن
المهاجر لقومه والمراغم بمنزلة واحدة، وإن اختلف اللفظان
وقال الشاعر:
إِلى بلد غير داني المحل. . . بعيد المراغَمِ وَالمُضْطَرَب
وقيل المراغَم ههنا المضطرب، وليس المراغم ههنا إِلا المضطرب في
حال هجرة، وإِن كان مشتقاً من الرغام، والرغام التُراب وتأويل قولك رَاغَمْتُ