الأردن وبيت المَقْدِسِ، وإِنما سمِّي بالمَقْدِس لأن المَقْدِس: المكان الذي
يتطهر فيه. فتأويله البيت الذي يُطَهَرُ الِإنسان من العيوب، ومن هذا قيل:
القدس، أي الذي يتطهر منه، كما قيل: مَطْهَرة لما يُتَوضأ مِنْه، إنما
هي مَفْعَلَةً من الطهر.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (٢٢)
تأويل الجبار من الآدميين: العاتي الذي يَجْبرُ النَّاسَ عَلَى مَا يُريدُ، واللَّه
- عزَّ وجلَّ - الجبار العَزِيزُ، وهو الممتنع من أن يُزَلَّ، واللَّه عزَّ وجلَّ يأمر بما أراد، لا رَادَّ لأمْرِه، ولا مُعَقَبَ لحُكْمِه.
وإِنَّمَا وَصَفوهم بالقُدرَةِ والتكبُّر، والمَنَعةِ.
و (قوماً) منصوب بـ أن، و (جبارين) من صفتهم، والخَبرُ قوله: (فيها).
* * *
وقوله (قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣)
أي أنعَمَ اللَّهُ عليهما بالِإيما أن.
(آدْخُفوا عَلَيهِم البَابَ).
فكأنَّهما عِلِمَا أن ذَلِك البابَ إِذا دُخِلَ منه وقع الغَلبُ.
* * *
وقوله: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤)
أي لسْنَا نقْبل مَشُورَةً في دُخُوولها، ولا أمراً، وفيها هُؤلاءِ الجبارون، فأعلم
اللَّه جلَّ ثناؤه أن أهل الكتاب هؤلاءِ غير قابلين من الأنبياءِ قَبْلَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن الخلافَ شأْنُهم.
وفي هذا الِإعلام دليل على تصحيح نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه أعلمهم