وقوله: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠)
السنين في كلام العرب الجدُوبُ، يقال مستهم السَّنَةُ، ومعناه جَدْبُ
السنة وشِدَّةِ السنة ونقص الثمرات.
(لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
إِنما أخِذُوا بالضراءِ لأن أحوال الشِدةِ تُرِقُ القُلُوب وتُرَغبُ فيما عند اللَّه
وفي الرجوع إِليه، ألا ترى إِلى قوله جلَّ وعزَّ:
(وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)، وقال جلً
وعز: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (٥١).
* * *
وقوله: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣١)
أي إِذا جاءَهم الخِصْبُ قالوا أعْطِينَا هذا باستحقاق.
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ).
أي جَدْبُ أو ضُر.
(يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ).
المعنى: يتطيَّرُوا. فأدغمَت التاءُ في الطاءِ، لأنهما من مَكان واحد من
طرف اللسانِ وأصول الثنايا.
وتفسير قوله: (يَطَّيَّرُوا): يتشاءَموا، وإِنما قالت العرب الطيرةُ ويتطير فيما
يكرهونَ، على ما اصطلحوا عليه بينهم، جعلوا ذلك أمراً يتشامون به فقال
عزّ وجلَّ: (أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ).