للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كان إِنما تَبعَ كَلَامَ غير الله لما قال برسالاتي وبكلامي، لأن

الملائكة تنزل إلى الأنبياءِ بكلام اللَّه.

وقوله: (فَخُذْ مَا آتيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرين).

ثم أعلَم اللَّه جل ثناؤه أنَّه قد أعطاه من كل شيءٍ يحتاج من أمر الدِّين

مع ما أراه من الآياتِ فقال جلَّ وعزَّ:

(وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (١٤٥)

وقيل في التفسير إِنهما كانا لوحين. ويجوز في اللغة أن يقال للوحين

ألواح. ويجوز أن يكون ألواح جمع أكثَر مِنَ اثْنَين.

وقوله: (فَخُذْهَا بِقُوة) أي خُذْها بقوةٍ فى دينك وَحجتِكِ.

وقوله: (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا).

في هذا وجهان، وهو نحو قوله: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)

ونحو قوله: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ).

فيحتمل وجْهيْن:

أحدهمَا أنَّهمْ أمِروِا بالخيْرِ ونُهُوا عن الشرِ، وعرفوا مَا

لَهم فِي ذَلِكَ، فقيلَ (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا)

ويجوز أن يكون نَحوَ ما أمِرْنا به من الانتصار بعد الظلم، ونحو القصَاص في الجرُوح إِذ قال: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).

(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١).

فهذا كله حَسَنٌ والعفو أحسنُ من القِصاصِ والصَبْرُ أحسن من

الانتصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>