(مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ).
أي لا ينفعه تمنيه.
(وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (١٢٤)
فأعلم الله أن عامل السوءِ لا ينفعه تمنيه، ولا يتولاه فتَوَل ولا ينصره
نَاصِرٌ.
وقد احتج قومٌ من أصحاب الوعيد بقوله:
(وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
فزعموا أن هذا يدل على أن من عَمِلَ السوءَ جُزِيَ به.
وقد أعلم اللَّه عزَّ وجلَّ أنَّه يَغْفِر ما دُونَ الشركِ لمن يشاء، فعامِل السوءِ - ما لم يكن كافِراً - مرجو له العَفوُ والرحمة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - شافِعٌ لأمته يشفع فيهم.
ومعنى: (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).
النقير النقطه في ظهر النواة، وهي مَنْبتِ النخلة، والمعنى: ولا يظلمون
مقدار ذلك.
* * *
(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)
وقوله: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا).
الخليل المحب الذي ليس في محبته خَلَل فجائز أن يكون إِبراهيم
سمى خليلَ الله بأنَّه الذِي أحبه الله واصطفاه محبةً تامَّةً كامِلةً.
وقيل أيضاً الخليل الفقير، فجائز أن يكون فقير اللَّه، أي الذي لم يَجْعَلْ فقره وفاقته إِلا إِلى الله مخلصاً في ذلك، قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ).
ومثل أن إِبراهيم الخليل الفقير إِلى اللَّه قول زهير يمدح هرم بن سنان