من نعت " فرقة " كأنه قال: جَعَلْنَاهم أسباطاً وفرقناهم أَسْبَاطاً فيكون أَسباطاً
بدلاً من اثنتي عشرة. وهو الوجه.
وقوله: (أُمَمًا) من نعت (أَسباطاً).
قال بعضهم: " السِّبْطُ القرن الذي يجيءَ بَعْدَ قَرْنٍ، والصحيح أَن
الأسباط في وَلَدِهِ إِسحاق بمنزلة الْقَبَائِل في وَلَدِ إِسْمَاعِيل " فَوَلَدُ كُل من وُلِدَ
من أولاد يعقوب سبط وَوَلَدُ كُل من وَلَدِهِ من وَلَدِ إِسماعيل قبيلة.
وإِنما سُمِّيَ هُؤلاءِ بالأسْبَاطِ، وهؤُلاءِ بالقبائل، لِيُفْصَل بين وَلدِ إِسْمَاعِيلَ وَوَلَد إِسْحَاقَ.
ومعنى القبيلة من وَلَدِ إِسماعيل معنى الجماعة يقال لِكل جماعة مِنْ
وَلدٍ قَبِيلَة وكذلك يقال لكل جمع على شيء واحد:
قبيلٌ، قال اللَّه جلَّ وعزَّ: (إنَهُ يَرَاكمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ من حيث لا تَرَوْنَهُمْ).
فأما الأَسباط فهو مُشْتَق من السَّبَطِ، والسُّبَطُ ضرب من الشَجر تُعْلفُة الِإبِلُ، ويقال للشجرة لها قبائلُ.
فكذلك الأسباطُ من السَّبَط. كأنه جعَلَ إِسحاق بمنزلة شجرة، وجعِلَ إسماعيلُ بمنزلة شجرة.
وكذلك يَفْعَلُ النسابُونَ في النسب يجعلون الوالد بمنزلة الشَّجَرَةِ
ويجعلون الأولاد بمنزلة أغصانها، ويقال: طُوبِىَ لِطرْحِ فلانٍ، وفلان من
شجرةٍ صَالِحَةٍ - فهذا - واللَّه أعلم - معنى الأسبَاطِ والسِّبْطِ.
* * *
وقوله جلّ ثناؤه: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)