للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما معنى الآية فإنه من غامض المعاني التي عند أهل اللغة لأن

المجازاة على الحسنة من اللَّه جلَّ ثناؤُه بدخول الجنة شيء لا يُبْلَغُ وصفُ

مِقْدارِه، فإذا قال: عَشْرُ امثَالها.

أو قال: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ).

مع قوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)، فمعنى هذا كله أن جزاءَ اللَّه جلَّ ثناؤُه على الحسنات على التضعيف للمثل الواحد الذي هو النهاية في التقدير في النفوس، ويضاعف

الله ذلك بما بين عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إِلى أضعاف كثيرة.

وأجمع المفسرون على قوله: (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا)

لأن السيئة ههنا الشرك باللَّهِ.

وقالوا: (من جاءَ بالحسنة) هي قول لا إله إلا اللَّه، وأصل الحسنات

التوحيد، وأسوأ السيئات الكفر باللَّه جلَّ وعزَّ.

* * *

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١)

والصراط الدين الذي دلني على الذين الذي هو دين الحق، ثم فسر

ذلك فقال: (دِينًا قِيَمًا).

والقيم هو المستقيم، وقرئت (ديناً قَيِّمًا) وقِيِّم مصدر كالصغر والكبر، إلا

أنه لم يقل " قِوَمٌ " مثل قوله: (لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) لأن قولك قام قيماً

<<  <  ج: ص:  >  >>