وقوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).
هذا اسم للجنس يقصد به الكافر خاصَّة، كما قال: (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ).
والإِنسان غير المؤمن ظلومٌ كفَارٌ.
* * *
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)
يعني مكة
(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ).
وتَقرأ (وأجْنِبْني وبَني) عَلى أجْنَبْتُة كذا وكذا إذا جعلته ناحية منه، وكذلك
جنبتُه كذا وكذا.
ومعنى الدعاء من إبراهيم عليه السلام أن يُجَنَبَ عبادة الأصنام، وهو
غير عابد لها على معنى ثَبِّتْنِي على اجتناب عبادتها كما قال:
(وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) أي ثبِّتنا على الإِسلام.
* * *
(رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)
أي ضلِّلُوا بسببها، لأن الأصنام لا تعقل ولا تَفْعَل شيئاً، كما تقول قد
فتنتني هذه الدارُ.، أي أنا أحْبَبْتها واسْتَحْسَنْتُها، وافتتنت بها.
(فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
أي فإنك غفور رحيم له إن تاب وإن آمن، لا أنه يقول إن من كفر فإن
اللَّه غفور رحيم، فإن اللَّه لا يغفر له، ألا ترى قوله في أبيه:
(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ).