موضع (إِذ) نصب. المعنى واذكر (إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ).
(مِنْ ظُهُورِهِمْ) بَدل من قوله: (مِنْ بَنِي آدَمَ) المعنى وإذ أخذ ربك
ذُزيتِهُمْ وذرياتِهمْ جميعاً.
وقوله: (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى).
قال بعضهم: خلق اللَّه الناسَ كالذَّرِ من صلب آدَمَ، وأشهدَهُمْ على
توحيده، وهذا جائز أن يكون جعل لأمثَال الذَّرِ فهْماً تعقل به أمره.
كما قال:
(قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ)
وكما قال: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ).
وكل مولودٍ يُولَدُ على الفطرة معناه أنه يُولَدُ وفي قلبه توحيد
اللَّه، حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه.
وقال قوم: معناه أنَّ الله جَل ثَنَاؤُه، أخرج بني آدم بعضهم من ظهور
بعض.
ومعنى (وَأشْهَدَهُمْ عَلَى أنْفُسِهم ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ).
أن كلَّ بالغ يَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ واحدٌ، لأن كل ما خلق الله تعالى دليل على
توحيده، وقالوا لولا ذلك لم تكن على الكافر حجة.
وقالوا فمعنى (وَأشْهَدَهُمْ عَلَى أنْفُسِهم ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ) دَلَّهُمْ بخَلْقِه على توحيده.
* * *
وقوله: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥)
هذا نسق على ما قبله، المعنى اتلُ عليهم إِذ أخذ ربك من بني آدم.
واتْلُ عَليهْمْ نبَأ الذِي آتَيْناهُ آياتِنَا فانْسَلَخَ منْها).
هذا فيه غير قول، قيل إِنه كان عنده اسم اللَّه الأعظَم فدعا به على