للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِلَّا أَنْ يَخَافَا) إِلا أن يوقنا، وحقيقة قوله: (إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) أن يكون الأغْلب عليهما وعندهما أنهما على ما ظهر منهما من أسباب التباعد

الخوفُ في أن لا يقيما حدود اللَّه - ومعنى (حُدُودَ اللَّهِ) ما حدَّه الله جلَّ وعزَّ مما لا تجوز مجاوزته إِلى غيره، وأصل الحدِّ في اللغة المنع، يقال حَدَدْتُ الدار.

وحددت حدود الدار، أي بنيت الأمكنة التي تمنع غيرها أن يدخل فيها.

وَحَدَدْتُ الرجل أقمت عليه الحد، والحد هو الذي به منع الناس من أن

يدخلوا فيما يجلب لهم الأذى والعقوبة، ويقال أحدت المرأة على زوجها

وحدت فهي حَادٌّ وَمُحدٌّ، إِذا امتنعت عن الزينة، وأحددت إليه النظر إِذا منعت نظري من غيره وصرفته كله إِليه، وأحْدَدْتُ السكين إِحْدَاداً.

قال الشاعر:

إِن العبادي أحَدَّ فأسَه. . . فعاد حدُّ فأسه برأسه

وَإِنَّمَا قيل للحديد حديد لأنه أمنع ما يمتنع به، والعرب تقول للحاجب

والبواب وصاحب السجن: الحَدَّاد، وإِنما قيل له حداد لأنه يمنع من يدخل

ومن يخرج، وقول الأعشى:

فقمنَا ولمَّا يصحْ ديكُنَا. . . إِلى خمرة عند حَدَّادها

أي عند ربها الذي منع منها إِلا بما يريد.

ومعنى: (فلا تَعْتَدُوهَا): أي لَا تُجَاوِزُوهَا.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)

أي فإِن طلقها الثالثة، لأن الثنتين قد جرى ذكرهما أيْ فلا تحل له حتى

تتزوج زوجاً غيره، وفعل الله ذلك لعلمه بصعوبة تزوج المرأة على الرجل،

<<  <  ج: ص:  >  >>