والقول الأولُ أقوى وأجودُ في العربية والكسرُ أَحَسَنُها وأجودها.
والذي ذكر أن " لا " لَغْوٌ غَالِطٌ، لأن ما كان لغواً لا يكون غير لغو.
من قرأ: إنها إذا جاءَت - بكسر إنَّ - فالإِجماع أن " لا " غير لغو، فليس
يجوز أن يكون معنى لفظةٍ مرةً النفي ومرة الإيجاب.
وقد أجمعوا أن معنى أن ههنا إذا فتحت معنى لعل، والإجماع أولى بالِإتباع.
وقد بينْتُ الحجة في دفع. ما قاله من زعم أن لا لغو.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١)
هذا جواب قول المؤمنين: لعلهم يؤمنون.
فأعلم اللَّه عزَّ وجلَّ أنهم لا يؤمنون، وهذا كإِعْلام نوح: (أنهُ لَنْ يُؤمِنَ
مِنْ قَوْمِكَ إلا مَنْ قَدْ آمَنَ).
ومعنى (قُبُلًا) جمع قبيل، ومعناه الكفيل.
ويكون المعنى: وحَشَرْنَا عَليْهِم كل شيء قبيلاً قبيلاً.
ويجوز أن يكون قُبُلٌ جمعَ قبيل. ومعناه الكفيل.
ويكون المعنى: لو حشرنا عليهم كل شيءٍ ونجعل لهم بصحة ما نقول ما كانوا
ليؤمنوا، ويجوز أن يكون " قُبُلاً " في معنى ما يقابِلهم، أي لَوْ حَشَرْنَا عليهم كل شيء فقابَلهمْ.
ويجوز وحشرنا عليهم كل شيء قِبَلًا أيْ عِيَاناً، ويجوز قُبْلاً على تخفيف
قُبُل وكل ما كان على هذا المثال فتخفيفه جائز، نحو الصُّحف والصحْف
والكُتب والكتْبُ، والرسُل والرسْل.