للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، فهذا - واللَّه أعلم - معنى اللْمَم في هذا الموضع.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ - (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (٣٤)

معنى " أكدى " قطع، وأصله من الحفر في البئر يقال للحافر إذا حَفَر البئر

فبلغ إلى حَجَرٍ لا يمكنه معه الحفر: قد بلغ إلى الكدية، فعند ذلك يقطع

الحفر.

* * *

وقوله: (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (٣٥)

معناه فهو يعلم والرؤية على ضربين:

أحَدُهُمَا " رَأيتُ " أبصَرتُ والآخر عَلِمْتُ، كما تقول: رأيت زيداً أخاكَ وَصَدِيقَكَ مَعْنَاهُ عَلِمْتُ.

ألا تَرَى أن المَكفُوفَ يقول: رأيت زيداً عَاقِلًا، فلو كان من رؤية العَيْنِ لم يجز.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)

أي قضى، يقال إن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وَفَّى مَا أمِرَ به، وما امْتحِنَ به من ذبح وَلدِه، فعزم على ذلك حتى فداه اللَّه بالذبح وامْتُحِن بالصبر على عداوة قومه حين أُجِّجَتْ له النار فطُرِحَ فيها، وَأمِرَ أيضاً - بالاختَتانِ فاختتن، وقيل وفَّى وهي أبلغ من وَفَى لأن الذي امتُحِنَ به من أعظم المِحَنِ.

ومعنى (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَهِيمَ)

أي أم لم يخبر، ثم أعلم ما في الصحف.

* * *

ومَوْضعُ (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨)

خَفْضٌ،. المعنى أم لم يُنَبأ بأن لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.

وَ " أنْ " ههنا بدل من (ما) ويجوز أن تكون " أنْ " في مَوْضع رَفْع على

إضمار " هو " كَأنهُ لما قِيلَ: بما في صحف موسى قيل: مَا هوَ؛ قيل هو

(أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).

ومعناه ولا تؤخذ نفس بإثم غيرها.

وكذلك قوله: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>