معناه مطيعونَ، والمعنى: وهذا من آياته، ولم يذكر " ومن آياته "
لأنه قد تقدم ذكر ذَلِكَ مَراتٍ.
ومعنى " قانتون " مطيعون طاعة لا يجوز أن تقع معها معصية، لأن القنوت القيام بالطاعة.
ومعنى الطاعة ههنا، أنَ من في السَّمَاوَات الأرض في خلقهم دليل على أنهم مخلوقون بإرادة الله - عزَّ وجلَّ - لا يقدر أحَد على تغيير الخلقة، ولا يقدر عليه فلك مُقربٌ، فآثار الصنعة والخلقة تدل على الطاعة، ليس يعني طاعة
العباد، إنما هِيَ طاعَةُ الإرادة والمشيئة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)
فيه غير قول، فمنها أن الهاء تعود على الخلق، فالمعنى الإعادة
والبعث أهون على الإنسان من إنشائه، لأنه يُقَاسِي في النشء ما لا
يقاسيه في الإعادة والبعث.
وقال أبو عبيدة وكثيرُ من أهل اللغة: إن مَعْنَاهُ: وَهُوَ هيِّنٌ عليه.
وإن " أهْون " ههنا ليس معناه أن الإعادة أهون عليه من الابتداء، لأن
الإعادة والابتداء كلٌ سَهْلٌ عَلَيْه ومن ذلك من الشعر:
لعَمْرُكَ ما أَدرِي وإِنِّي لأَوْجَلُ. . . على أَيِّنا تَغْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
فمعنى لأوجل لَوجِلٌ، وقالوا الله أكبر أي اللَّه كبيرٌ، وهو غير
منكر، وَأَحْسَنُ مِنْ هذين الوجهين أنه خاطب العباد بما يعقلون
فأعلمهم أنه يجب عندهم أن يكونَ البعث أسْهَلُ وأهون من الابتداء