للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعنى أنه اليدُ التي أخرجها تتلألأ من غير سوء.

* * *

قوله عزَّ وجلَّ: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥)

(نَكَالَ) منصوب مصدر مؤكد لأن معنى أخذه اللَّه نَكَّلَ بِهِ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى أي أغرقه في الدنيا ويعذبه في الآخرة.

وجاء في التفسير أن (نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى)

نكال قوله: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي).

وقوله: (أنا رَبُّكُمُ الأعْلَى).

فنكل اللَّه به نكال هاتين الكلمتين (١).

* * *

قوله: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)

قال بعض النحويين: (بناها) من صلة السَّمَاءِ، المعنى أم التي بناها.

وقال قوم: السماء ليس مِما يوصل، ولكن المعنى أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ

أَشَدُّ خَلْقًا.

ثم بين كيف خلقها فقال:

* * *

(بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩)

أي أظْلَمَ لَيْلَها.

* * *

(وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا): أظهر نورها بالشمس.

* * *

وقوله: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)

القراءة على نصب (الْأَرْضَ)، على معنى: ودحا الأرضَ بعد ذلك، وفسر

هذا المضمر فقال (دَحَاهَا)، كما تقول: ضربت زيدا وعمرا أكرمته.

وقد قرئت (وَالْأَرْضُ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) على الرفع بالابتداء.

والنصب أجودُ، لأنك تعطف بفعل على فعل أحسن، فيكون على معنى بناها.

وفعَل وفَعَل ودَحَا الأرض بعد ذلك.

* * *

قوله: (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢)


(١) قال السَّمين:
قوله: {نَكَالَ الآخرة}: يجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً ل «أَخَذَ»، والتجوُّزُ: إمَّا في الفعل، أي: نَكَّل بالأَخْذِ نَكالَ الآخرةِ، وإمَّا في المصدر، أي: أَخَذَه أَخْذَ نَكالٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً له، أي: لأجل نَكالِه. ويَضْعُفُ جَعْلُه حالاً لتعريفِهِ، وتأويلُه كتأويلِ جَهْدَك وطاقَتَك غيرُ مَقيس. ويجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً مؤكِّداً لمضمونِ الجملةِ المتقدِّمةِ، أي: نَكَّل الله به نَكالَ الآخرةِ، قاله الزمخشري، وجعله ك {وَعْدَ الله} [النساء: ١٢٢] و {صِبْغَةَ الله} [البقرة: ١٣٨]. والنَّكالُ: بمنزلةِ التَّنْكيل، كالسَّلام بمعنى التَّسْليم. والآخرةُ والأولى: «إمَّا الداران، وإمَّا الكلمتان، فالآخرةُ قولُه: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: ٢٤]، والأولى: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} [القصص: ٣٨] فحُذِفَ الموصوفُ للعِلْم به. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>