وقال بعض أهل اللغة إنما المعنى معنى قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)
فالمعنى على قوله هذا: أن اللَّه معكم أينما تولوا - كأنه أينما تولوا
فثم الله (وهو معَكم) وإنَّما حكينا في هذا ما قال الناس: وليس عندنا قطع
في هذا، واللَّه عزَّ وجلَّ أعلم بحقيقته -
ولكن قوله (إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) يدل على تَوْسيعه على الناس
في شيءِ رخص لهم به.
* * *
(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (١١٦)
قالوا) للنصارى ومشركي العرب، لأن النصارى قالت: المسيح ابنُ
اللَّه، وقال مشركو العرب الملائكة بنات اللَّه، فقال اللَّه عزَّ وجلَّ:
(بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ).
القانت في اللغة المُطِيعُ، وقال الفرَّاءُ: (كل له قانتون) هذا خصوص إنما
يعني به أهل الطاعة، والكلام يدل على خلاف ما قال، لأن قوله:
(مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)
كل إحاطة وإنما تأويله: كل ما خلق اللَّه في
السَّمَاوَات والأرض فيه أثَرُ الصنْعَة فهو قانت للَّهِ والدليل على أنه مخلوق -
والقانت في اللغة القائم أيضاً ألا ترى أن القنوت إِنما يُسَمًى بِه من دَعا قائماً
في الصلاة قانتا، فالمعنى كل له قانت مقر بأنه خالقه، لأن أكثر من يخالف
ليس بدفع أنه مخلوق وما كان غير ذلك فأثر الصنْعَةِ بين فيه، فهو قانت
على العموم، وإِنما القانت الداعي.
وقوله: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)