(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦).
واللَّهُ قد أعطاهم الآيات التي تبينُوا بها نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - من القرآن الذي دُعُوا أنْ يأتوا بسورةٍ مثله، ومن انشقاق القمر، ومن
قوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) فظهر أهل الِإسلام حتى صاروا أكثر من كل
فرقةٍ فليس أهلُ مِلَّةٍ واحدة لهم كثرة أهْلِ الِإسْلَامِ، وأظهره اللَّه أيضاً
بالحجة القاطعة.
* * *
وقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧)
أي سَلُوا كل من يقر برسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - من أهل التوراة والإِنجيل.
(إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
أي إن كنتم لَمْ تَعْلَمُوا أنَّ الرسُلَ بَشَر.
وهذا السؤال واللَّه أعلم لمن كان مؤمناً من أهل هذه الكتب، لأن القبول يكون من أهل الصدق والثقة.
* * *
وقوله: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨)
(جَسَداً) هو واحد ينبئ عن جماعة، أي وما جَعَلْنَاهم ذوي أجَسَادٍ إلا
ليأكُلُوا الطعَامَ، وذلك أنهم قَالُوا: (مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ)
فأُعْلِمُوا أن الرسُلَ أجمعين يأكلون الطعام، وأنهُم يَمُوتُونَ وهوَ قوله تعالى: (وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ).
* * *
وقوله: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠)
أي فيه تذْكِرة لكم بما تلقونه من رحمة أو عذاب، كما قال عزَّ وجلَّ:
(كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ)
وقد قيل (فِيه ذِكُرُكمْ) فيه شَرَفُكُمْ.
* * *
وقوله: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١)