فالمعنى - واللَّه أعلم - ذلك لتعلموا الغيب الذي أنْبأتُكُمْ به عن اللَّه.
يدلكم على إنَّه يعلم ما في السَّمَاوَات وما في الأرض.
ودليل هذا القول قوله جلَّ وعزَّ:
(مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٩٩).
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١)
(تُبْدَ لكم) - تُظْهَر لَكُم، يقال بدا لي الشَيء يبدو إذَا ظَهَر.
جاءَ في التفسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم الحج، فقام رجل من بني أسدٍ فقال: يا رسول اللَّه أفي كل عام؟
فأعرض عنه - صلى الله عليه وسلم - فعادَ الرجلُ ثانية، فأعرض عنه، ثم عاد ثالثة فقال - صلى الله عليه وسلم -
ما يُؤمنك أن أقول نَعَمْ فَتجبُ فلا تقومون بها فتكفرون.
تأويل " تكفرون "، - واللَّه أعلم - ههنا أنكم تَدْفَعُونَ لِثِقَلِهَا وُجُوبَهَا
فتكفرون.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: " اتركوني ما تركْتُكُمْ فإِنما هلك منْ كَانَ قَبلَكم بكثرة اخْتِلَافِهِمْ على أنبيائهم ".
وسأله - صلى الله عليه وسلم - رجل كان يتنازعه اثنان يدَّعِيَ
كل واحد منهما أنَّه أبوه فأخبر - صلى الله عليه وسلم - بأبيه منهما، فأعلم الله عزَّ وجلَّ أن السوال عن مثل هذا الجنس لا ينبغي أن يقع.
فإنه إِذَا ظهرَ منهُ الجوابُ سَاءَ ذَلِك. وخاصَّةً في وقت سُؤَالِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جهة تبيين الآيات، فنهى الله عن ذلك، وأعلم أنَّه قد عفا عنها، ولا وجهَ عَن مسألة ما نهى اللَّه عنه، وفيه فضيحة على السائل إِن ظهر.