للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملحدين يسألون عن مثل هذا ليُلْبِسُوا على الضعفة، فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - من أي شيء خلق أبا الإنس جميعاً آدم عليه السلام، وأعلم من أي شي: خلق أصل الجنِّ فقال:

(وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥)

والمارج اللهب المختلط بسواد النَّار.

* * *

وقوله - عزَّ وجلَّ -: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧)

يعنى به مشرقَي الشمس وكذلك القمر، ومغربي الشمس والقَمَر، فأحَدُ

المشرقين مشرق الشتاء والآخر مشرق الصيف، وكذلك المغربان.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)

معناه على الأرض.

* * *

قوله: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)

يعني بالثقلين الِإنس والجن.

ويجوز ُ (سَنَفْرَغُ لَكُمْ) بفتح الراء.

ويجوز (سَيَفْرُغُ) - بفتح الياء -

ويجوز (سَيُفْرَغ لكم) - بضم الياء وفتح الراء -

ومعناه سنقصد لِحِسَابِكُمْ، واللَّه لا يَشْغَلُه شأن عن شأن.

والفراغ في اللغة على ضربين:

أحدهما الفراغ من شُغلٍ

والآخر القصد للشيء، تقول: قد فرغت مما كنت فيه.

أي قد زال شغلي به، وتقول: سَأتَفَرغ لفلانٍ، أي سأجْعَلُ قَصْدِي له (١).

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣)

والأقطار النَواحي.

(لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ).

أي حيثما كنتم شاهدتم حجةً لِلَّهِ وسلطاناً تدل على أنه واحدٌ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥)

ويقرأ (ونحاسٍ) - بكسر السين -

والنحاس الدُّخان، والشواظ اللهب الذي لا دُخَانَ معه.


(١) قال السَّمين:
قوله: {سَنَفْرُغُ}: قرأ سَيَفْرُغُ بالياءِ الأخَوان أي: سَيَفْرُغُ اللَّهُ تعالى. والباقون من السبعة بنون العظمة، والراءُ مضمومةٌ في القراءتَيْن، وهي اللغةُ الفُصْحى لغة الحجازِ. وقرأها مفتوحة الراء مع النونِ الأعرجُ، وتحتمل وجهَيْن، أحدهما: أَنْ تكونْ مِنْ فَزَغَ بفتحِ الراء في الماضي، وفُتِحت في المضارع لأَجْلِ حرفِ الحَلْقِ. والثاني: أنه سُمِعَ فيه فَرِغَ بكسرِ العينِ، فيكون هذا مضارعه/ وهذه لغةُ تميمٍ. وعيسى بن عمر وأبو السَّمَّال «سَنِفْرَغُ» بكسر حرفِ المضارعةِ وفتحِ الراءِ. وتوجيهُها واضحٌ مِمَّا تقدَّم في الفاتحة قال أبو حاتم: «وهي لُغَةُ سُفْلى مُضَرَ. والأعمش وأبو حيوةَ وإبراهيمُ» سَنِفْرَغُ «بضم الياء مِنْ تحتُ مبنياً للمفعولِ. وعيسى أيضاً بفتح نونِ العظمةِ وكسرِ الراء. والأعرجُ أيضاً بفتح الياء والراء. ورُوي عن أبي عمروٍ. وقد تقدَّم قراءةُ» أيها «في النور. والفَراغُ هنا استعارةٌ. وقيل: هو القَصْدُ. وأُنْشِد لجرير:
٤١٧٦ ألانَ وقد فَرَغْتُ إلى نُمَيْرٍ. . . فهذا حينَ كُنْتُ لهمُ عَذاباً
وأنشد الزجاج:
٤١٧٧. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فَرَغْتُ إلى العبدِ المقيَّدِ في الحِجْلِ
ويَدُلُّ عليه قراءةُ أُبَيّ» سَنَفْرُغُ إليكم «أي: سَنَقْصِدُ إليكم. والثَّقَلان: الجن والإِنس لأنهما ثَقَلا الأرضِ. وقيل: لثِقَلِهم بالذنوب. وقيل: الثَّقَلُ: الإِنسُ لشَرَفَهم. وسُمِّيَ الجنُّ بذلك مجازاً للمجاورة. والثَّقَل. العظيم الشريف. وفي الحديث:» إني تاركٌ فيكم ثَقَلَيْن كتابَ الله وعِتْرتي «
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>