للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي وما أَعْطَيتُمْ من صَدَقَةٍ لا تطلبون بها المكافأة وإنما يقصدون

بها ما عند اللَّه.

(فَأُولَئِكَ هُم [المُضْعَفُونَ]).

أي فأهلها هم المضعَفُونَ، أَيْ هم الذي يضاعف لهم الثواب.

يعطون بالحسنة عشْرةَ أمثالها ويضاعف الله لمن يشاء، وقيل

(المُضْعِفُونَ) كما يقال رجل مَقْوٍ، أي صاحب قوةٍ، وموسِر أي صاحب

يَسَارٍ، وكذلك مُضْعِفٌ، أي ذو أضعاف من الحسنات (١).

* * *

وقوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)

ويقرأ بالياء أيضاً (لِيُذيقَهُمْ) أي ليذيقهم ثواب بَعْضِ أَعْمَالِهم.

ومعناه ظهر الجَدْبُ في البَر والقَحْطُ في البَحْرِ، أي في مُدُنِ البحر.

أي فى المدُن التي عَلَى الأنْهَارِ، وكل ذي ماء فهو بَحْر.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣)

معنى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ) أَقم قصدك واجْعَلْ جِهَتَك اتباع الدين القيِّم

من قبل أن تأتِيَ الساعَةِ وتقوم القيامَةُ فلا ينفع نفساً إيمَانُهَا لم تكن

آمَنت من قبل أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِها خَيْراً.

وَمَعْنَى: (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ).

يتفرقون فيصيرون فَرِيقاً في الجنةِ وَفَرِيقاً في السَّعيرِ.

* * *

وقوله: (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤)

(فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ).

أي لأنفسهم يوطئونَ.


(١) قال السَّمين:
قوله: «المُضْعِفُون» أي: أصحابُ الأضعاف. قال الفراء: «نحو مُسْمِن، ومُعْطِش أي: ذي إبِل سمانٍ وإبل عِطاش». وقرأ أُبَيُّ بفتح العين، جعله اسمَ مفعولٍ.
وقوله: «فأولئك هم» قال الزمخشري: «التفاتٌ حسن، كأنه [قال] لملائكتِه: فأولئك الذين يريدون وجهَ اللَّهِ بصدقاتِهم هم المُضْعِفون. والمعنى: هم المُضْعِفُون به؛ لأنه لا بُدَّ مِنْ ضميرٍ يَرْجِعُ إلى ما» انتهى. يعني أنَّ اسم الشرط متى كان غيرَ ظرفٍ وَجَبَ عَوْدُ ضميرٍ من الجواب عليه. وتقدَّم ذلك في البقرة عند قوله: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ} [البقرة: ٩٧] الآية. ثم قال: ووجهٌ آخرُ: وهو أَنْ يكونَ تقديرُه: فَمُؤْتُوْه فأولئك هم المُضْعَفُون. والحَذْفُ لِما في الكلامِ مِن الدليلِ عليه. وهذا أسهلُ مَأْخَذاً، والأولُ أمْلأُ بالفائدة «. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>