ولا أدري أشَيءٌ سَمِعَه أم اسْتَخْرجَه، والذي عندي واللَّه أعلم، أن عيسى قد علم أن منهم من آمن ومنهم من أقام على الكفر، فقال عيسى في جملتهم. (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) أي إِن تعذبْ من كفر منهم.
فإنهم عبادك وأنت العادلُ عليهم لأنك أوضحت لهم الحق وكفروا بعد وجوب الحجة عليهم، وَإنْ تَغْفِرْ لمن أقلعَ منهم وآمن فذلك تفضل منك لأنه قد كان لك ألا تَقْبلهم وألا تغفر لهم بعد عظيم فريتهم، وأنت في مغفرتك لهم عزيز لا يمتنع عليك ما تريد، " حكيم " في ذلك.
وقال بعض الناس: جائز أن يكون اللَّه لم يُعْلمْ عِيسى أنَّه لَا يَغْفِرُ
الشرك، وهذا قول لا يعرج عليه لأن قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) لا يخص شيئاً من أمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - دون غيرها، لأن هذا خبر والخبر لا ينسخ، وهذا القول دار في المناظرة وليس شيئاً يعتقده أحد يوثق بعلمه.