وقوله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)
وقرأ الحسن " لا تقولوا راعِناً " بالتنوين، والذي عليه الناس راعنا غير
منون، وقد قيل في (راعنا) بغير تنوين ثَلاثةُ أقوال: قال بعضهم راعنا:
ارعنا سمعك، وقيل كان المسلمون يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - راعنا، وكانت إليهود تَتَسَابُّ بينها بهذه الكلمة، وكانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - في نُفُوسهم، فلما سمعوا
هذه الكلمة اغتنموا أن يظهروا سَبَّه بلفظ يسمع ولا يلحقهم به في ظاهره
شيء، فأظهر اللَّه النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين على ذلك ونهى عن هذه الكلمة.
وقال قوم: (لَا تَقُولُوا رَاعِنَا): من المراعاة والمكافأة، فأمروا أن يخاطبوا
النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتقدير والتوقير، فقيل لهم لا تقولوا راعنا، أي كافنا في المقال، كما يقول بعضهم لبعض، -
(وَقُولُوا انْظُرْنَا) أي أمهلنا واسمعوا، كأنه قيل لهم استَمِعُوا.
وقال قوم إِن راعنا كلمة تجري على الهُزُءِ والسخرية، فنهيَ
المسلمون أن يَلْتَفِظُوا بها بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأما قراءَة الحسن " راعناً " فالمعنى فيه لا تقولوا حُمْقاً، من الرعونة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥)
المعنى ولا من المشركين، الذين كفروا من أهل الكتاب: إليهود
والمشركون في هذا الوضع عَبَدةُ الأوثان.
(أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
- ويُقْرأ أن يُنْزَل عليكم بالتخفيف والتثقيل جميعاً، ويجوز في العربية أن