المنتفَع به في نبات الأرض وحياة كل شيء، وكمثل نفع الفضة والذهب وسائر الآلات التي ذُكِرَتْ لأنها كلها تبقى منتفعاً بها، ومثل الكافر وكفره كمثل هذا الزَّبَد الذي يذهب جَفاء وكمثل خبث الحديد، وما تخرجه النار من وسخ الفضة والذهب الذي لا ينتفع به.
وموضع كذلك نصْبُ، قال أبو زيد: يقال جَفَأتُ الرجُلَ إذا صَرَعْته
وأجْفَاتِ القِدْرُ بِزَبَدِها إذَا ألقت زَبدها فيه.
(فَيَذْهَبُ جُفَاءً). من هذا اشتقاقه.
وموضع (جُفَاءً) نصب على الحال، وهو ممدود.
وزعمْ البصريونَ والكوفيون جميعاً أنَّ ما كان مثلَ القمَاشِ والقُمَامِ والجُفَاء فهذه الأشياء تجيء على مثال فُعَال.
* * *
وقوله: عزَّ وجلَّ: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨)
أي لهم الجنة، وجائز أن يكون لهم جزاءُ المحسنين، وهُوَ راجعٌ إلى
الجنةِ أيضاً كما قال - عزَّ وجلَّ -: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).
(أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ).
وسوء الحساب ألا تقبل منهم حسنة ولا يُتَجَاوَزُ لَهُم عَنْ سَيئَةٍ، وأن
كُفْرَهُمْ أحْبَطَ أعمَالَهم كما قال:. . (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ).
وقيل سوء الحساب أن يُسْتَقصى عليه حسابه ولا يتجاوز له عن
شيءٍ من سيئاته، وكلاهما فيه عطب.
ودليل هذا القول الثاني: من نوقش الحساب عُذِّبَ.
وتكون سوء الحساب المناقشة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢)
(وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ).