جمعاًً كتيراً وسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الأشياء. فأعلمهم أنه لا يعلمها، وأنه إن نزل عليه وحي بها أعلمهم.
فروى بعضهم أنه قال: سأخبركم بها ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عنه الوحي أياماً ونزلت: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ).
فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما أوحى الله إليه وأنزله الله في كتابه مما دل على حقيقة نبوته.
ثم أعلم الله عزَّ وجلَّ أنَّ قصًةَ أصحاب الكهف ليست بعجيبة
من آيات اللَّه، لأنَّا نشاهد من خلق السَّمَاوَات والأرض وما بينهما مما يدل على توحيد اللَّه ما هو أعجب من قصة أصحاب الكهف فقال جلَّ وعزَّ:
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (٩)
أي: حتى نُبَيِّنَ قِصتَهُمْ.
* * *
وقوله: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠)
ومعنى أَوَوْا إليه صاروا إليه وجعلوه مأواهم، والفتية جمع فتى مثل غلام
وغِلْمَة، وصَبِيَ وَصِبْيَة، وَفِعْلَة من أسماءِ الجمع، وليس ببناء يقاس عليه، لا
يجوز غُراب وغِرْبة، ولا غَنى وغنية.
وقوله: (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً).
أي أعْطِنَا من عندِكَ رَحْمَةً، أي مَغْفِرةً ورزقاً.
(وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا).
يجوز في (رَشَداً) (رُشْداً) إلا أنه لا يُقْرأ بها ههنا لأن فواصل الآيات على
فَعَلٍ نحو أمَدٍ وعدَدٍ، فَرَشدٌ أحْسَنُ في هذا المكان أي أرشدنا إلى ما يقرب
منك ويزلف عندك.