للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي فعلنا في الوحي اليك كما فعلنا بالرسل من قبلك.

وموضع (كَذَلِكَ) نصبٌ بقوله (أَوْحَيْنا).

ومعنى (رُوحاً مِن أمْرِنَا) ما نحيي به الخلق من أمرنا.

أي ما يُهْتَدَى به فيكون حيًّا.

وقوله: (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا)

ولم يقل جَعَلْنَاهُمَا لأن المعنى ولكن جعلنا الكتاب نُوراً، وهو دليل على

الإيمان.

وقوله: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

ويقرأ: (وَإِنَّكَ لتُهْدي)، فمن قرأ (لَتَهْدِي)، فالمعنى تهدي بما أوحينا إليك

إلى صراط مستقيم، ويجوز أن يَكونَ (لَتُهْدَى) مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأُمَّتِه، فيكون المعنى وإنك وأمتك لتُهدَوْنَ إلى صراط مستقيم، كما قال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ)

فهو بمنزلة يا أيها الناس المؤمنون إذا طلقتم النساء (١).

* * *

وقوله: (صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣)

(صِرَاطِ اللَّهِ)

خفض بدل من (صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

المعنى وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطِ اللَّه.

ويجوز (صِرَاطُ اللَّهِ) بالرفع، و (صِرَاطَ اللَّهِ) بالنصب.

ولا أعلم أحدا قرأ بهما ولا بواحدة منهما، فلا تقرأنَّ بواحدة منهما لأن القراءة سُنَّة. لا تخالف، وإن كان ما يقرأ به جائزاً في النحو.


(١) قال السَّمين:
قوله: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب}: «ما» الأولى نافيةٌ، والثانيةُ استفهاميةٌ. والجملةُ الاستفهامية معلِّقَةٌ للدِّراية فهي في محلِّ نصبٍ لسَدِّها مَسَدَّ مفعولَيْنِ. والجملةُ المنفيةُ بأَسْرِها في محلِّ نصبٍ على الحالِ من الكافِ في «إليك». قوله: «جَعَلْنَاه» الضميرُ يعودُ: إمَّا ل «رُوْحاً» وإمَّا ل «الكتاب» وإمَّا لهما؛ لأنَّهما مَقْصَدٌ واحدٌ فهو كقولِه: {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة: ٦٢].
وقرأ ابن حوشب «لتُهْدَى» مبنياً للمفعول. وابن السَّمَيْفَع «لتُهْدي» بضم التاء وكسر الدال مِنْ أهْدَى.
قوله: «نَهْدِي» يجوز أَنْ يكونَ مُسْتأنفاً، وأن يكونَ مفعولاً مكرَّراً للجَعْل، وأَنْ يكونَ صفةً ل «نُوْراً». اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>