القبول، ألا ترى أنهم إنما قيل لهم (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)، أي
أظهرتم الإيمان خشية.
وقوله " عزَّ وجلَّ: (وأرِنَا منَاسِكَنَا).
معناه عَزِفْنَا متعبداتنا، وكل متعبَّد فهو مَنْسَك ومَنْسِكِ، ومن هذا قيل
للعابد ناسك، وقيل للذبيحة المتقرب بها إلى الله تعالى النسيكة، كأنَّ
الأصل في النسك إنما هو من الذبيحة للَّهِ جلَّ وعزَّ.
وتقرأ أيضاً (وأرنا) على ضربين: بكسر الراءِ وبإسكانها والأجود الكسر.
وإنما أسكن أبو عمرو لأنه جعله بمنزلة فَخِذ وعَضُد وهذا ليس بمنزلة فخذ ولا
عضد، لأن الأصل في هذا " أرْئِنَا " فالكسرة إنما هي كسرة همزة ألقيت.
وطُرحت حركتها على الراء فالكسرة دليل الهمزة، فحذفها قبيح، وهو جائز على بعده لأن الكسر والضم إنما يحذف على جهة الاستثقال.
فاللفظ بكسرة الهمزة والكسرة التي في بناءِ الكلمة واللفظ به واحد، ولكن الاختيار ما وصفنا أولاً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإنَهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)
معنى (مَنْ) التقرير والتوبيخ، ولفظها لفظ الاستفهام وموضعها رفع
بالابتداءِ، والمعنى ما يرغب عن ملة إبراهيم إلا مَنْ سَفه نَفْسَه، والملَّةُ قد
بيناها وهي السُّنَّة والمذهب، وقد أكْثَر النحويونَ واختلفوا في تفسير (سفه
نفسه)، وكذلك أهل اللغة، فقال الأخفش: أهل التأويل يزعمون أن المعنى
(سَفَه نفسه)، وقال يونس النحوي: أراها لغة،. وذهب يونس إلى أن فَعِل
للمبالغة، - كما أن فعُل للمبالغة فذهب في هذا مذهب التأْويل، ويجوز على