ولم يستثنوا.
ومعنى التسبيح ههنا الاستثناء، وهو أَنْ يَقول: إن شاء اللَّه.
فإذا قال قائل التسبيح أن يقول: سبحان اللَّه، فالجَوابُ فِي ذلكَ أن كل
ما عظمت الله به فهو تسبيح، لأن التسبيح في اللغة فيما جاء عن النبي عليه
السلام تنزيه الله عن السوء.
فالاستثناء تعظيم الله والإقرار بأنه لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَفعل فِعْلاً إلا بمشيئتِهِ - عزَّ وجلَّ.
فالمعنى في قوله: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ).
إنا بلونا أهل مكة حين دعا عليهم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهمِ اشدد وطأتك على مُضَرَ واجعلها عليهم سنين كسني يوسف، فابتلاهم اللَه بالجرب والهلاك وذَهَابِ
الأقواتِ كما بلى أصحاب هذه الجنة باحتراقِها وذهاب قوتهم منها.
* * *
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)
هذه الألف ألف الاستفهام، ومجازها ههنا التوبيخ والتقرير.
وجاء في التفسير أن بعض كفار قُرَيْش قال: إن كان ما يذكرون أن لهم في الآخرة حَقًا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أنا في الدنيا أفضل منهم. فوبخهم الله فقال:
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ).
وكذلك: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
معناه على أي أحوال الكفر تخرجون حُكمَكُمْ.
* * *
(أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (٣٨)
أي أعندكم كتاب من اللَّه عزَّ وجلَّ أن لكم لما تخيرونَ.
* * *
(أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (٣٩)
(أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ*
معناه مؤكدة
(إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ).
أي حَلِفٌ على ما تَدَّعُونَ في حكمكم.