كل تأنيث غير حقيقي فتعبيره بلفظ التذكير جائز، تقول: قالت طائفة من أهل الكتاب، وقال طائفة من المسلمين لأن طائفة وفريقاً في معنى واحد، فكذلك قوله عزَّ وجلَّ: (فَمن جَاءَهُ موعظَةٌ مِنْ رَبِّه).
وقوله: (يَا أئها النَّاسُ قَد جَاءَتْكُمْ مَوعِظَة مِن رَبِّكُم).
يعني الوعظ إِذا قلت فمن جاءَه موعظة.
وقرأ القراءُ (بيتْ طائفةٌ) على إسكان التاءِ وإدْغامها في الطاء.
وروي عن الكسائي أن ذلك إِذا كان في فعل فهو قبيح، ولا فرق في الإدغام ههنا فِي فعل كان أو في اسم لو قلت بَيَّتُ طائفةً وهذا بَيْتُ طائفة - وأنت تريد بيتُ طائفةً كان واحداً.
وإنما جاز الإدغام لأن التاءَ والطَاءَ مِن مَخْرج واحدٍ.
* * *
وقوله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)
يُعْنَى به المنافقون، أي لو كان ما يخبِرونَ به مما بيتُوا، وما يُسِرُونَ
وُيوحَى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. . لولا أنه من عند الله لما كان الإِخبار به غير مختلف.
لأن الغيب لا يعلمه إِلا الله. وهذا من آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - البينَةِ.
ومعنى تدَبَرتُ الشيءَ، نظرتُ في عَاقبته، وقولهم في الخبر: لا تَدَابَروا.
أي لا تكونوا أعداءَ، أي لا يُوَلَى بعضُكم دُبُرهَ، يقال قد دَبَر القومُ يَدبُرون
دبَاراً إذَا هَلكُوا، وأدْبَرُوا إذا وَلَّى أمرُهم، وإنما تأويله أنه تقضى أنهم إِلى
آخره فلم يبق منهم باقية، والدبْرُ النحلُ سُمِّيَ دَبْراً لأنه يُعْقب ما ينتفع به.
والدِّبرُ المال الكثير سمِّيَ دِبْرا لكثرته، ولأنه يبقى للأعْقابِ والأدْبارِ،