وقوله عزَّ وجلَّ: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)
معنى (خَلَتْ) مضت، كما تقول لثلاث خلون من الشهر أي مضين.
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
المعنى: إنما تسألون عن أعمالكم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)
المعنى: قالت إليهود: كونوا هوداً، وقالت النصارى: كونوا نصارى.
وجزم تهتدوا على الجواب للأمر، وإنما معنى الشرط قائم في الكلمة.
المعنى إن تكونوا على هذه الملة تهتدوا، فجزم تهتدوا على الحقيقة جواب
الجزاءِ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (بَلْ مِلةَ إبرَاهِيمَ حَنِيفاً).
تنصب الملة على تقدير بل نتبعُ ملة إِبراهيم ويجوز أن تنصب على
معنى: بل نكون أهل ملة إِبراهيم، وتحذف " الأهل " كما قال الله عزَّ وجلَّ: (واسْألِ الْقَرْيَةَ الًتِي كُنَّا فِيهَا) لأن القرية لا تُسْأل ولا تجيب.
ويجوز الرفع (بل ملةُ إِبراهيم حنيفاً).
والأجود والأكثر: النصب. ومجاز الرفع على معنى: قل ملتُنا ودينُنُا ملة إبراهيم، ونصب (حنيفاً) على الحال.
المعنى: بل نتبع ملة إِبراهيم في حال حنيفَتِه، ومعنى الحنيفة في اللغة الميل.
فالمعنى: أن إبراهيم حنيف إِلى دين اللَّه، دين الِإسلام.
كما قال عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) فلم يبعث نبي إِلا به.
وإن اختلفت شرائعهم، فالعقد توحيد اللَّه عزَّ وجلَّ والإيمان برسله وِإن اختلفت الشرائع،