أي قولهم: لِمَ لَمْ ينَزلْ هذا القرآن على غير محمد عليه السلام
اعتراض منهم، وليس تفضل اللَّه عزَّ وجلَّ يقسمه غيره.
ولما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة قالت العرب - أو أكثرها -: كيف لم يرسل اللَّه مَلَكاً وكيف أرسل اللَّه بَشراً، فقال اللَّه عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى).
وقال: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ).
فلما سمعوا أن الرسالة كانت في رجال من أهل القرى قالوا:
" لَوْلَا نُزِل على أحَدِ هذين الرجلين ".
وقال - عزَّ وجلَّ -: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ).
قَكَما فَضلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض في الرزق وفي المنزلة، كذلك
اصطفينا للرسالة من نشاء.
وقوله: (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سِخْرِيًّا).
و (سُخْرِيًّا)
أي ليستعمل بعضهم بَعْضاً، ويستخدم بعضُهم بعضاً.
وقيل (سِخْرِيًّا) أي، يتخذ بعضهم بعضاً عبيداً.
ثم أعلم - عزَّ وجلَّ - أن الآخرة أحَظُّ من الدنيا فقال:
(وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
وأعلمَ قِلَّةَ الدنيا عنده عزَّ وجلَّ فقال:
(وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣)
ويقرأ سَقْفاً مِنْ فِضةٍ، ويجوز سُقْفاً بسكون القاف وَضَم السين، فمن
قال سُقُفاً وَسُقْفاً فهو جمع سَقْف كما قيل رَهْن وَرُهُنٌ وَرُهْن، ومن قال سَقْفاً
ْفهو واحد يَدُلُّ على الجمع المعنى جعلنا لبيت كلِ واحد منهم سقفاَ من فضة.