الظاهر أن هذا هو المراد، وإنما التي هي أحسن حفظ ماله عليه، وتثْمِيرُه
بما وُجِدَ إليه السبيل.
قوله: (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ).
" حَتَّى " محمولة على المعنى، المعنى احْفَظُوه عليه حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ.
أي فإذا بلغ أشده فادفعوه إليه.
وبلوبخ أشُده أن يؤنَس منه الرُّشْدُ مَع أنْ يكونَ بالغاً.
وقال بعضهم: (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) حَتى يَبْلُغ ثمانيَ عَشْرة سَنة، ولسْتُ أعْرفُ مَا وَجْهُ ذلك بأن يبلغَ قبل الثماني عشرة وَقد أنِسَ منه رشداً فدفْعُ مالِه إلَيه واجب.
وقوله " جلَّ وعزَّ: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى).
أي إذا شَهِدْتم أوْ حَكَمتُم فاعْدِلوا، ولو كان المشهودُ عليه أوْ لَهُ ذَا قربى.
* * *
(قوله: (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)
الأكثر في القراءَة بفتحَ النون، ويجوز (أحْسنُ) على إضْمارِ على
الذي هو أحسنُ. فأما الفتح فعلى أن (أحسنَ) فعل ماض مبني على الفتح.
وأجاز الكوفيون أن يكون في موضع جَر، وأن يكون صفة الذي، وهَذَا عند
البصريين خَطَأٌ فاحش، زعم البصريون أنهم لا يعرفون " الَّذِي " إلا
موْصُولَة، ولا تُوصَفُ إلا بَعْدَ تَمَام صلتها، وقد أجمع الكوفِيونَ مَعَهُمْ على أن الوَجْهَ صِلتُها، فيحتاجون أن يثبتوا أنها رفعت موصولة ولا صلة لها، فأمَّا دخول " ثم " في قوله: (ثُمَّ آتَيْنَا) وقد علمنا أن (ثُمَّ) لا يكون الذي بَعْدهَا أبداً مَعناه التقْدِيم أِ، وقد علمنا أن القرآن أنزل مِن بعْدِ موسى، وبعد التوراة.