وَقَوله: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٤٦)
أي اجعَلُ جزاءَهم الِإضْلالَ عن هداية آياتي.
ومعنَى (يَتَكَبَّرُونَ) أي أنهم يرون أنهم أفضَلُ الخلقِ وأن لهم من الحق ما ليس لغيْرِهِم.
وهذه الصفة لا تكون إِلَّا للَّهِ جلَّ ثناؤُه خاصةً لأن الله تبارك وتعالى هو الذي له القدرَة والفضلُ الذي ليس مثله، وَذَلِكَ يَسْتحقُ أن يقال له: المتكَبر، وليس لأحدٍ أنْ يتكبر لأن الناس في الحقوق سواء.
فليس لأحدٍ مَا ليْسَ لِغَيره واللَّه جل ثناؤُه المتكبرُ.
أعلم الله أن هُؤلاءِ يتكبرون في الأرض بغير الحق.
وقوله: (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا).
وسبيل الغى هو سبيل الضلال، يقال: غوَى الرجل يَغْوِي غيًّا وهو غاوٍ
إذا ضَل.
وقوله: (ذَلِكَ بأنَّهُمْ كذَّبوا بآياتِنا).
" ذَلِكَ " يصلح أن يكون رفعاً، أيإِن أمرَهم ذلك، ويجوز أن يكون
نصباً على معنَى فَعَل اللَّهُ بهم ذلك بأنهم كذبوا بآياتِنَا.
(وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلينَ).
" غافلين " يصلح أن يكون - واللَّه أَعلم - كانوا في تركهم الِإيمان بها
والنظَرِ فيها والتدبر لها بمنزلة الغافلين.
ويجوز أن يكون (وكانوا) عن جوابها غافلين كما تَقول: ما أغفَلَ فلاناً عما
يُرَادُ به.
* * *
وقوله: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (١٤٨)
و (مِنْ حُلِيِّهِمْ) ومن حِلِيِّهِمْ.