وقوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)
معناه إلا بِأمر اللَّه، وقيل أَيضاً إلا بعلم اللَّه.
وقوله: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ).
وَيُسَلِّمُ في وقت المصيبة لأمر الله يهد قلبه يجعله مهتدياً.
وقُرِئت (يَهْدَ قلبُه)، تَأويل هَدَأَ قَلْبُه يهدأ إذا سكن، ويكون على طرح الهِمزة، ويكون في الرفع يَهْدَا قلبه - غير مهموز - وفي - الجزم: مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدَ قَلْبُهُ، بطرح الألف للجزم، ويكون التأويل إذا سَلَّمَ لأمر اللَّه سَكَنَ قَلْبُه.
* * *
وقوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)
هذه رخصة لقوله: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ).
وقوله: (وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ)
أَي قدموا خَيراً لأنفسكم من أموالكم.
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ).
ويجوز (ومن يُوَقَّ شُحَّ نَفْسِهِ)، ولا أعلم أحداً قرأ
بها فلا تقرأن بها إلَّا أن تثبت رواية في قراءتها.
(فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
معناه الظافرون بالفَوْزِ والخَيْرِ.
* * *
قوله: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ).
جاء في التفسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَمر بالهجرة مِنْ مَكة إلى المدينة أَرَادَ قَومٌ الهِجْرَةَ فقال لهم أَزْوَاجُهُم وأَوْلَادُهُمْ: قد صبرنا لكم على مفارقة الدين، ولا نصبر لكم على مفارقتكم ومفارقة الأموال والمساكن فأعلم اللَّه تعالى أن من كان بهذه الصورة فهو عَدُوٌّ، وإن كان وَلَداً أو كانت زوجة.
ثم أمر عزَّ وجل بالعَفْو والصَّفْح فقال:
(وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).