وذكر بعضهم: أن تكون في موضع نصب على إضمار واعلموا أن
للكافرين عذاب النار. ويلزم على هذا أن يقال: زيد منطلق وعمرا قائماً.
على معنى وَاعْلَمْ عمراً قائماً، بل يلزمه أن يقول عمراً منطلقاً، لأن المخبر
مُعْلِم، وَلَكِنهُ لَمْ يَجُز إِضمار أعلم ههنا، لأن كل كلام يُخبَر به أو يستخبر فيه فأنت مُعْلِمٌ به. فاستغنى عن إِظهار العلم أو إِضماره.
وهذا القول لَمْ يَقُلْه أحَد مِنَ النَحَويين.
* * *
وقوله: (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)
معناه: إِن تستنصروا فقد جاءَكم النصر، ويجوز أن يكون معناه إِن
تستحكموا فقد جاءَكم الحُكْم.؛ وقد أتى التفسير بالمعنيين جميعاً.
رووا أن أبا جهل قال يوم بدرٍ: " اللهم أقْطَعُنَا للرحم، وأفسَدُنَا للجماعة
فأحنه اليومَ " فسأل الله أن يحكُمَ بحيْنُ من كان كذلك، فنصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونال الحَيْنُ أبا جهلٍ وأصحابه، فقال اللَّه جلَّ وعزَّ:
(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ) أي إِن تَستَقْضُوا فقد جاءَكم القضاءُ.
وقيل إِنه قال: اللهم انصر أحبَّ الفِئَتَينْ إِليك، فهذا يَدلُّ على أن
معناه: إِنْ تَسْتَنْصِروا. وكلا الوجهين جَيدٌ.
* * *
وقوله: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١)
يُعنَى به الذين قالوا: قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقلْنَا مِثْل هَذَا.
فسماهم اللَّه جل ثناؤُه لَا يَسْمعونَ، لأنهمْ اسْتَمَعُوا استماعَ عداوة
وبغضاءَ، فلم يتفهموا، ولم يتفكرُوا. فكانوا بمنزلة من لم يسمَعْ.
* * *
وقوله: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢)