وقوله عزَّ وجلَّ: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
المعنى أنَّ الصِّيَام وَصْلَة إلى التقي، لأنه من البر الذي يكف الِإنسان
عن كثير مما تتطلع إِليه النفس من المعاصي، فلذلك قيل (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
و" لعل " ههنا على ترجي العباد، والله عزَّ وجلَّ من وراءِ العلم أتتقون أم
لا. ولكن المعنى أنه ينبغي لكم بالصوم أن يقوى رجاؤكم في التقوى.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)
ْنصب (أَيَّامًا) على ضربين، أجْوَدهما أن تكون على الظرف كأنه، كتب
عليكم الصيام في هذه الأيام - والعامل فيه الصيام كان المعنى كتب عليكم
أن تصوموا أياماً معدودات.
وقال بعض النحويين، إنه منصوب مفعول مَا لم يسَمَّ فاعله.
نحو أعَطِيَ زيد المال.
وليس هذا بشيءٍ لأن الأيام ههنا معلقة بالصوم.
وزيد والمال مفعولان لأعطى.
فلك أن تقيم أيهما شئت مقام الفاعل.
وليس في هذا إلا نصب الأيام بالصيام.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
أي فعليه عدة، أو فالذي ينوب عن صومه في وقت الصوم عدة من أيام
أُخَرَ.
و (أُخَرَ) في موضع جر، إِلا أنها لا تَنْصَرِف فَفتِحَ فيها المجرور.
ومعنى (وعلى الذين يطيقونه) أي يطيقون الصوم فدية طعام، مسكين، أي
إن أفطر وترك الصوم كان فدية تركه طعام مسكين.
وقد قرئ " طعام مساكين "