قال أبو العباس محمد بن يزيد: (والمستضعفين) في موضع جر: من
وَجْهَين: المعنى ما لكم لا تقاتلون في سبيل اللَّه وفي المستضعفين.
قال وجائز أن يكون عطفاً على اسم اللَّه، أي في سبيل الله وسبيل
المستضعفين، قال: واختار أن يكون على " وفي المستضعفين " لاختلاف
السبِيلين، لأن معنى سبيل المستضعفين كأنه خلاص المستضعفين، وقول أكثر
النحويين كما اخْتار أبو العباس محمد بن يزيد.
والوجه الثاني عِندي أشبه بالمعنى، لأن سبيل المستضعفين هي سبيل اللَّه.
* * *
وقوله جلّ وعر: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ).
الطاغُوتُ في قول النحويين أجمعين يذكَر ويؤنًثُ. وفي القرآن دليل
على تذكيره وتأنيثه، فأما تذكيره فقوله: (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)، وأمَّا تأْنيثه فقوله - جلَّ وعزَّ -: (والذِينَ اجتَنَبوا الطاغوت أن يَعبُدوهَا).
قال أبو عبيدة: الطاغوت ههنا في معنى جماعة.
كما قال الله - عزَّ وجلَّ -: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ)
معناه لحم الخنازير كلها.
والطاغوت الشيطان، وكل معبود من دون اللَّهِ فهو طاغوت.
والدليل على أن الطاغوت الشيطان قوله: (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠).
* * *
وقوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧٧)
قيل كان المسلمون قبل أن يؤمروا بالقتال قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أذنت