ويجوز أن يكون وَهُوَ ذكرى للمؤمنين كقولك وهو ذكر للمؤمنين.
فأما الجر فعلى معنى لِتُنْذِرَ، لأن معنى " لِتنْذِرَ " لأن تُنْذِرَ فهو في موضع
جر. المعنى للإنذار والذكرَى. فأما ذِكْرَى فمصدر فيه ألف التأنيث، بمنزلة
دعوت دعوى، وبمنزلة رَجَعْتُهُ رُجْعَى. واتقَيْتُ تقوى، إلا أنه اسم في موضع
المصدر.
* * *
وقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)
أي اتبِعُوا القرآن، وَمَا أتِيَ به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مما أنزل عليه لقوله جلَّ وعزَّ: (وَمَا آتَاكُمُ الرسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
(وَلَا تَتبِعُوا مِنْ دُونهِ أوْليَاءَ).
أي لَا تَتَوَلَّوْا مَنْ عَدَلَ عن دين الحق، ومن ارتضى مذهباً من المذاهب.
فالمؤْمن وليُّ المْؤمِن.
(وَالْمُومِنُونَ وَالْمُومِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوْليَاءُ بَعْض).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قَلِيلًا مَا تَذَكرُونَ).
ما زائدة مُؤَكِدَة، المعنى قليلًا تذكرون، وفي تذكرون وجهان في
القراءَة: قَلِيلًا مَا تَذَّكرون - بالتشديد - في الذال، والمعنى: قليلاً ما تتذكرون، إلا أن التاءَ تدغمُ في الذال لقرب مكان هذه من مكان هذه.
ومن قرأ (تَذَكَّرُونَ) فالأصل - أيضاً - تتذكرون، إلَّا أنَّه حذف إِحدى
التاءَين، وهي التاءُ الثانية لأنهما زائدتان، إِلا أن الأولى تدل على معنى
الاستقبال فلا يجوز حذفها، والثانية إنما دَخَلَتْ على معنى فعلت الشيءَ عَلَى
تمهُّل، نحو تَفَهَّمْتُ وَتَعَلَّمْتُ، أي أحدثت الشيءَ على مَهَلٍ، وتدخل على