للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طاقاته بعضها مع بعفى. والجَنْبُ يقال له الحصير لأن بعض الأضلاع محصورٌ

مع بعض.

* * *

وقوله: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩)

أي للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد اللَّه - عزَّ وجلَّ - أي

شهادة أن لَا إلهَ إلا اللَّه والإيمان بِرُسلِهِ، والعملُ بطاعتِه، وهذه صفة الحال

التي هي أقوم الحالات.

* * *

وقوله: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)

المعنى أن الإنسان رُبَّما دَعَا على نفسه وولده وأهله بالشرِ غَضَباً كما

يدعو لنفسه بالخير، وهذا لم يُعَرَّ منه بشرٌ.

ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع إلى سَوْدةَ بنت زَمْعَةَ أسيراً، فأقْبَلَ يئن باللَّيْلِ، فقالت له: ما بالُك تَئِن فشكا ألَمَ القَيدِ والأسْرِ.

فأرْخَتْ مِن كِتَافه، فلما نامت أخرج يده وهرب، فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا به فأعلم شأنه، فقال اللهم اقطع يديها، فرفعت سودة يديها تتوقع الاستجابة، وأن يقطع الله يديها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وإني سألت الله أن يجعل دعائي ولعْنتي على من لا يستحق من أهلي رحمةً، فقولوا لها لأني بَشرٌ أغضب كما يغضب البشر لْتَردُدْ سودة يديها. فأَعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن الإنسان خلق عجولاً، فهذا ضلق عليه جملةُ البشَرِ من آدم إلى آخر ولده.

والإنسان ههنا في معنى الناس.


(١) الرواية لعائشة وليست لسودة بنت زمعة - رضي الله عنهما -
وهذا نصها عند الإمام أحمد
٢٣١٢٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسِيرٍ فَلَهَوْتُ عَنْهُ فَذَهَبَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا فَعَلَ الْأَسِيرُ قَالَتْ لَهَوْتُ عَنْهُ مَعَ النِّسْوَةِ فَخَرَجَ فَقَالَ مَا لَكِ قَطَعَ اللَّهُ يَدَكِ أَوْ يَدَيْكِ فَخَرَجَ فَآذَنَ بِهِ النَّاسَ فَطَلَبُوهُ فَجَاءُوا بِهِ فَدَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ فَقَالَ مَا لَكِ أَجُنِنْتِ قُلْتُ دَعَوْتَ عَلَيَّ فَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ أَنْظُرُ أَيُّهُمَا يُقْطَعَانِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>