قوله: {الشيطان سَوَّلَ}: هذه الجملةُ خبرُ {إِنَّ الذين ارتدوا}. وقد تقدَّم الكلامُ على «سَوَّل» معنًى واشتقاقاً. وقال الزمخشري هنا: «وقد اشتقَّه من السُّؤْل مَنْ لا عِلْمَ له بالتصريفِ والاشتقاقِ جميعاً» كأنَّه يُشير إلى ما قاله ابن بحر: مِنْ أنَّ المعنى: أعطاهم سُؤْلَهم. ووجهُ الغلطِ فيه أنَّ مادةَ السُّؤْلِ من السؤال بالهمز، ومادةَ هذا بالواوِ فافترقا، فلو كان على ما قيل لقيل: سَأَّل بتشديد الهمزة لا بالواو. وفيما قاله الزمخشريُّ نَظَرٌ؛ لأن السؤالَ له مادتان: سَأَل بالهمز، وسال بالألفِ المنقلبةِ عن واوٍ، وعليه قراءةُ «سال سايل» وقوله: ٤٠٦٧ سالَتْ هُذَيْلٌ رسولَ الله فاحِشةً. . . ضَلَّتْ هُذَيْلٌ بما سالَتْ ولم تُصِبِ وقد تقدَّم هذا في البقرةِ مُسْتوفى. قوله: «وأَمْلَى» العامَّةُ على «أَمْلَى» مبنياً للفاعل، وهو ضمير الشيطان. وقيل: هو للباري تعالَى. قال أبو البقاء: «على الأول يكونُ معطوفاً على الخبر، وعلى الثاني يكونُ مُسْتأنفاً». ولا يَلْزَمُ ما قاله بل هو معطوفٌ على الخبر في كلا التقديرَيْن، أخبر عنهم بهذا وبهذا. وقرأ أبو عمروٍ في آخرين «أُمْلِيَ» مبنياً للمفعول، والقائمُ مَقامَ الفاعلِ الجارُّ. وقيل: القائم مَقامَه ضميرُ الشيطان، ذكره أبو البقاء، ولا معنى لذلك. وقرأ يَعْقُوبُ وسلام ومجاهد/ «وأُمْلِيْ» بضمِ الهمزةِ وكسرِ اللام وسكونِ الياءِ. فاحتملَتْ وجهَيْن، أحدُهما: أَنْ يكونَ مضارعاً مُسْنداً لضمير المتكلم أي: وأُمْلِي أنا لهم، وأَنْ يكونَ ماضياً كقراءة أبي عمروٍ سُكِّنَتْ ياؤه تخفيفاً. وقد مضى منه جملةٌ. اهـ (الدُّرُّ المصُون).