للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه العود الذي عليه العذق، والعرجون عود العذق

الذي تركبه الشماريخ من العذق، فإذَا جَفَّ وَقدُمَ دَق وَصَغُرَ

فحينئذ يشبه الهِلَالَ في آخر الشهر، وفي أول مطلعه.

وتقدير (عُرْجُون) فُعْلُول. منَ الانعراج (١).

* * *

(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)

المعنى لا يذهب أحدهما بمعنى الآخر.

(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).

لكل وَاحِدٍ منهما فَلَك، ومعنى يسبحون يَسيرُونَ فيه بانبساط.

وكل من انبسط في شيء فَقَدْ سَبحَ فيه، ومن ذلك السباحة في الماء.

* * *

(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١)

خوطب بهذا أَهْلُ مَكَةَ، وقيل حَمَلْنَا ذُريتَهُمْ لأن من حمل مع

نوح عليه السلام في الفلك فهم آباؤهم، وذُرياتُهُم.

والمشحون في اللغة المملوء، شحنت السفينة إذا ملأتها.

وشحنت المدينة وأشحنتها إذا مَلأتها.

* * *

وقوله: (وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢)

الأكثر في التفسير أن مِنْ مِثْلِه من مثل سفينة نوح، وقيل من مثله

يغنَى به الإبل، وأن الإبل في البريَّةِ بمنزلة السُّفُنِ في البحر.

* * *

(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣)

أي فلا مُغِيثَ لهم.


(١) قال السَّمين:
قوله: {والقمر قَدَّرْنَاهُ}: قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرٍو برفعِه، والباقون بنصبِه. فالرفعُ على الابتداء، والنصبُ بإضمارِ فعلٍ على الاشتغالِ، والوجهان مُسْتويانِ لتقدُّمِ جملةٍ ذاتِ وجهين، وهي قوله: «والشمسُ تجري» فإنْ راعَيْتَ صدرَها رَفَعْتَ لتعطِفَ جملةً اسميةً على مثلِها، وإنْ راعَيْتَ عَجْزَها نَصَبْتَ لتعطِفَ فعليةً على مثلِها. وبهذه الآيةِ يَبْطُلُ قولُ الأخفشِ: إنه لا يجوزُ النصبُ في الاسم إلاَّ إذا كان في جملةِ الاشتغالِ ضميرٌ يعود على الاسمِ الذي تضمَّنَتْه جملةٌ ذاتُ وجهين. قال: لأنَّ المعطوفَ على الخبرِ خبرٌ فلا بُدَّ مِنْ ضميرٍ يعودُ على المبتدأ فيجوزُ: «زيدٌ قام وعمراً أكرمتُه في داره»، ولو لم يَقُلْ «في داره» لم يَجُز. ووجهُ الردِّ مِنْ هذه الآية أنَّ أربعةً من السبعةِ نصبوا، وليس في جملة الاشتغال ضميرٌ يعودُ على الشمس. وقد أُجْمع على النصب في قولِه تعالى: {والسمآء رَفَعَهَا} [الرحمن: ٧] بعد قوله: {والنجم والشجر يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٥].
قوله: «منازلَ» فيه أوجهٌ، أحدها: أنه مفعولٌ ثانٍ؛ لأنَّ «قَدَّرنا» بمعنى صَيَّرْنا. الثاني: أنه حالٌ، ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ قبل «منازل» تقديرُه: ذا منازلَ. الثالث: أنه ظرفٌ أي: قَدَّرْنا مسيرَه في منازلَ، وتقدَّم نحوُه أولَ يونس.
قوله: «كالعُرْجُون» العامّةُ على ضَمِّ العينِ والجيم. وفي وزنِه وجهان، أحدهما: أنه فُعْلُول فنونُه أصليةٌ، وهذا هو المرجَّحُ. والثاني: وهو قولُ الزجَّاج أنَّ نونَه مزيدةٌ، ووزنُه فُعْلُوْن، مشتقاً من الانعراجِ وهو الانعطافُ، وقرأ سليمان التيمي بكسر العين وفتح الجيم، وهما لغتان كالبُزيُوْن والبِزْيون. والعُرْجُوْن: عُوْد العِذْقِ ما بين الشَّماريخ إلى مَنْبِته من النخلةِ. وهو تشبيهٌ بديعٌ، شبَّه به القمرَ في ثلاثة أشياء: دقتِه واستقواسِه واصفرارِه. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>