الجنة، وإنذارُهم وتبشيرُهم، فكل الصلاح فيه.
* * *
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)
أي مِن علامة وَدلالة تَدُلُّهم على توحيد اللَّه، من أمر السَّمَاءِ وأنها بغَيْرِ
عَمَدٍ لا تقع على الأرض، وفيها من مجرى الشمس والقمر ما فيها، وفيها
أعظم البرهان والدليل على أن الَّذي خلقها واحد، وأن لها خالقأ، وكذلك
فيما يشاهد في الأرض من نباتها وبحارها وَجَبالِهَا.
(وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ).
أى لا يفكرون فيما يدُلَّهمْ عَلَى توحيد اللَّه - عزَّ وجلَّ - والدليل على أنهم
لا يفكرون فيما يستدلون به قوله عزَّ وجلَّ:
(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)
أي إن اعترفوا بأن الله خالقهم وخالق السَّمَاوَات والأرض، أشركوا في
عبادته الأصنام، وأشركوا غيْر الأصنَام.
* * *
(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٠٧)
أي أن يأتيهم ما يعجزهم من العذابَ
(أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً).
أي فجأةً، و (بَغْتَةً) مصدر منصوب على الحال، تقول لقِيتة بَغْتَةً
وَفَجْأةً، ومعناه من حيث لم أتوقع أن ألقاه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠٩)
(وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا).
وفي غير مَوْضِعٍ ولَلدار الآخرة، فمن قال الدار الآخرة فالآخرة نعت
للدار، لأن لجميع الخلق دَارَيْن، الدارُ التي خُلِقوا فيها وهي الدُّنْيا، والذَاز
الآخرة التي يُعَادُونَ فيها خلقاً جدِيداً، ومَنْ قالَ " دَارُ الآخِرة " فكأنَّهُ قال: وَدَارُ